أبواب المركز مغلقة اليوم
بقلم: ريم الرتوعي
منذ عام 2013 ومسابقة "أقرأ" تستمر في استقطاب جمهورها من الطلاب والطالبات، بألوانها الزرقاء وهويتها المدهشة التي تذكرنا كثيرًا بعوالم الخيالات في الكتب والحكايا.
ولأن مسابقة "أقرأ" بطبيعتها تعد مسابقة معرفية رصينة بمفهوم تنافسي نبيل، كان من الأحرى أن تكون حاضرة في أكثر الأحداث الثقافية بروزًا وأهمية هذه السنة "معرض الرياض الدولي للكتاب 2024" والذي توطدت علاقته مع مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء) من خلال هذه المسابقة منذ سنوات مضت، ففي هذه السنة شارك إثراء للمرة الحادية عشرة في المعرض.
زيادةً على ذلك، لا نستطيع أن نتحدث عن بدايات إثراء الطموحة دون التعريج على مسابقة "أقرأ"، التي كانت دومًا ما تعطينا ملمحًا عن المركز ومستوى برامجه الفاعلة قبل افتتاحه حتى، فهي تسير بخطى واثقة نحو العقد الأول لها، بثبات مُلفتٍ في مستواها.
مشاركة فارقة
لكن ما الذي يُميّز هذه السنة عن غيرها؟ وما الذي يعنيه أن تعود المسابقة بحُلّتها الكاملة، لتفتح دعوة للناس والقرّاء لاكتشافها من جديد عبر جناح خُصص لها في المعرض؟
في هذه السنة عُنون معرض الرياض الدولي للكتاب دورته بـ"الرياض تقرأ"، وكأن المدينة برمتها تقرأ أو وكأنها إنسان يعقل ويتحرك كما وُصفت في الأغاني والأشعار، من أمثال عباقرة الشعر، مهندس الكلمة، الأمير بدر بن عبد المحسن -رحمه الله-.
تُجدد المسابقة علاقتها بمدينة الرياض، لتصافحها بيدين مفتوحتين، بمزايا كبيرة تتحدى بُعد المسافات، ففي جناح مسابقة "أقرأ" لهذه السنة خُصصت باقات سفر للراغبين بحضور يوميّ الحفل، سواء كانوا من داخل المنطقة الشرقية أو من خارجها، في تجربة مدهشة تجعلهم يصاحبون أكبر القامات والشخصيات في مقر سكنهم، مع مزايا مثل الحصول على كتب مُوقّعة وجولة في المركز، مع ضمان دخول الحفل النهائي الذي يمتد على مدار يومين.
جناحٌ يحلق
أما على صعيد التجربة، فحال وصولك إلى الجناح، تُستقبل بنشرة ورقية تُمنح لك لتفهم أبعاد المسابقة وتفاصيلها، ثم تستهل الجولة بشرحٍ موجز وجولة بانورامية بداخله، فالباقات على يمينك وشاشات التسجيل على الجانب، لتحظى بفرصة الحصول على أخبار حصرية عن المسابقة وجديدها.
ويزيّن الجناح صور المتأهلين النهائيين، الذين يمنحون بهيئتهم الواثقة ونظراتهم الطموحة صورة تشبه نجوم السينما ورواد الأدب والدراما والمسرح، فالطلاب الذين زاروا الجناح استمروا بالتحديق في صور المتأهلين طويلًا، حتى تسائل طفلٌ منهم، ممن لا يتجاوز عمره العاشرة؛ "هل من الممكن أن يضعوا صورتي إذن إن شاركت؟" وفي ذلك خير مثال على قوة هذه المسابقة وأثرها الإيجابي الذي مَنَح للقراءة صبغة بطولية، كلها سحرٌ وحضور.
فالقرّاء بذلك يمنحون فعل القراءة لمسةً ساحرة جذابة، تجعل كل من يراهم يرغب أن يكون مكانهم ليخوض تجربتهم!
يقول زين العابدين المرشدي -الحائز على لقب قارئ العام في النسخة الثامنة- عبر حسابه على منصة إكس "حين وصلت إلى المملكة العربية السعودية وجدت صورًا لي تملأ الشوارع وتزيّنها".
لا عجب أن الجناح قد حاز على إعجاب الكثيرين، فقد قارب عدد الزوار الـ30 ألف زائر تقريبًا، إلى جانب حشدٍ إعلامي كبير قارب الـ20 منصة لتغطية حدثٍ، أو رواية قصة إخبارية، أو تنسيق لقاءٍ حصري.
عقول نوبل
من المعروف أن "أقرأ" قد نَمَت مع مرور الوقت، فبعد أن كانت محصورة على المسابقة، باتت اليوم تحمل في طياتها عدة فروع وفصول، لتصبح برنامجًا كاملًا يضم؛ المدرسة القارئة التي تنتخب أفضل المدارس على صعيد تقديم أجود المبادرات القرائية، وسفراء القراءة لتكريم المعلمين الفاعلين في مجال القراءة، مع الكتبية، وماراثون القراءة، والفعاليات المصاحبة للحفل الختامي.
في ذات السياق وعلى مستوى الضيوف، كانت ولا تزال المسابقة منصة تستقطب أكبر الأسماء والشخصيات، ففي بداياتها استضافت الروائي ألبرتو مانغويل صاحب المؤلفات القرائية الملهمة مثل؛ تاريخ القراءة والمكتبة في الليل وغيرها من الإصدارات، مرورًا بأورهان باموق وعبد الفتاح كيليطو وأخيرًا أولغا توكارتشوك وعبد الرزاق قرنح، ممن حازوا على نوبل للأدب، مع العديد من الأسماء الكبيرة مثل محمد عبد الباري أو عبد الله الغذامي وكُثر غيرهم.
فالمسابقة لا تهم الطلاب وحدهم، بل تستقطب كل مُحب للقراءة وكل شغوف بعالم الكتب والمكتبات. الجدير بالذكر أن حضور الحائزين على نوبل للأدب هو الأول من نوعه في المملكة، الأمر الذي يحفز كل زائر للجناح أن يخطط لرحلته ويعرف وجهته، قاصدًا مركز الملك عبد العزيز الثقافي العالمي (إثراء) ومسابقة "أقرأ" لحضور حفلٍ ضخم، نجومه قرّاء، لمعوا في سماء الحكاية فصاروا أبطالًا نقرأهم كما نقرأ أبطال الأدب العالمي أمثال؛ جان فالجان وفيليب بيرو وبيتر بان في روايته السحرية التي لا يكبر عنها أبدًا.