أبواب المركز مغلقة حتى الساعة 09:00 ص
05 مستقبل التعليم – الملخص
هل سيتلاشى مبدأ المدرسة، وستختفيي دُور التعليم؟ كيف سيبدو التعليم في عام 2030؟ ماذا لو أن حصيلة ما تعلمه الإنسان على مر العصور سيكمن في كل أحد من خلال رقائق تقنية تُزرع في أدمغتنا؟
نبذة:
في الحلقة الخامسة: نلقي الضوء على تطور التعليم على مر السنين ، وما عرفناه عن التعلّم الفعال ، وتأثيرات العَولمة على تجربة التعلّم ، وما يخبئه مستقبل التعليم.
مقدم الحلقة:
عبدالله كردي - عضو مجلس القادة الشباب الاستشاري
ملاحظة: تم تسجيل هذه الحلقة في شهر يوليو 2021
مستقبل التعليم: موضوعٌ لطالما كان محل جدل على مرّ السنين، و لعل عام 2020 قد سلط الضوء بشكل مكثف على هذا الموضوع. سنة 2020 قَدمت لنا طرقًا جديدة لخوض غمار الحياة, و أعطتنا فرصة لإعادة النظر فيما كان سابقًا من “الثوابت”، أحد الأمثلة على ذلك هو التعليم. فنحن ألفنا أسلوب تعليم واحد إلى حد كبير، مما منعنا من إعادة التفكير فيه. و لكنَّ عام 2020 قد تحدانا و أجبرنا على استخدام وسائل جديدة للتعليم. وعلى الرغم من أنّ للتعليم عن بعد مساوءه، إلا أنه علمنا الكثير، و سنح لنا أن نوجه تركيزنا لما له الأهميّة الجوهريّة. هل جار الزمان على نظام التعليم الحالي؟ و إذا كان الأمر كذلك، كيف نستطيع أن نطوره كي يتماشى مع متطلبات الجيل الحالي و قيمه و رغباته؟ و الأهم من ذلك، كيف يمكننا صنع نظام تعليم يوفر خبرة عمليّة للطلاب، حتى يكونوا على جاهزية تامة لمواجهة العالم الحقيقي؟. نظام التعليم الحالي الذي لم تطرأ عليه تغييرات كبيرة خلال القرن الماضي، مبنيٌ على نموذج الثورة الصناعية، و هو يعتمد بشكل كبير على نسبة الذكاء IQ و بالأخص يعتمد على مبدأي “توحيد المعايير” و “الحفظ”. غير أن هذين المبدأين لا يلبيان احتياجات الجيل الحالي أو الأجيال القادمة، و لا يوفران التجهيزات اللازمة لدخول سوق العمل. في الواقع، قد يكون لهما الأثر المعاكس تمامًا. لذلك، من المحتمل أن مساوئ نظام التعليم الحالي تطغى على محاسنه. و في حين أن المنظمات بدأت تصبح أكثر مرونة، إلا أن نظام التعليم لا يزال في مؤخرة السباق. فلنتناول نظام التعليم من خلال ثلاثة مناظير: الجاهزية للعمل، القدرة على منافسة الآلات الذكية في الوظائف، و صنع قيمة اقتصادية طويلة المدى. بالأخذ بالاعتبار التعليم الذي تلقيناه: هل تحققت هذه العناصر؟ هل شعرنا بأننا على أتم الاستعداد لممارسة وظائفنا، و أننا نستطيع منافسة تكنولوجيا الذكاء الاصطناعي، وأن بإمكاننا صنع قيمة اقتصادية طويلة المدى على الصعيد المحلي والعالمي؟. لنأخذ بعين الاعتبار الإحصائيّتين التاليتين بينما نحاول الإجابة عن هذه التساؤلات: ٣٤% من الطلاب يعتقدون أن المدارس لا توفر لهم مقومات النجاح في سوق العمل. هذا يحثنا على سد الفجوة بين التعليم و قابلية التوظيف. ٦٠ % من الوظائف المستقبلية لم يتم تطويرها بَعد، و ٤٠% من الأطفال بسن الحضانة في المدارس حاليًّا، سيكون خيارهم الوحيد للحصول على مصدر دخل هو أن يكونوا عاملين على حسابهم الخاص (المصدر (WEF Future of Jobs Report: فعلينا أخذ التدابير اللازمة لإعداد الطلاب للوظائف التي لم تُصنع بعد، و إعدادهم لأن يصبحوا رواد أعمال: ما علينا تعلمه، وكيفية التعلم، بالإضافة إلى دور المعلم، كلها في قيد التغيير و بينما نشهد التحول التعليمي، لنستعرض ثلاثة تصنيفات: الأول هو إمكانية الوصول. فإمكانية الوصول تضمن أن يكون التعليم متاحًا للطلاب في شتى البقاع، و أن ظروفهم لا تعيقهم عن الذهاب إلى المدرسة و الحصول على تعليمٍ يفي بالغرض. الأسئلة التي تخطر على البال في هذا السياق هي: كيف نستطيع أن نجعل التعليم متاحًا لدرجة أكبر؟ و كيف بالإمكان تسخير التكنولوجيا لهذه الغاية؟ الثاني هو الإنصاف. الإنصاف هنا معناه أن كل طفلٍ لديه جميع الموارد التي يحتاجها كي يكون ناجحًا. و العاملان الرئيسيان لضمان تحقيق الإنصاف هما العدل و الشمولية. و الأسئلة المطروحة هنا هي: كيف نستطيع تحسين مستوى الوعي لدى المجتمع؟ كيف يمكننا استغلال التكنولوجيا بهدف صنع برامج تعليميّة مبنيّة على احتياجات كل طفل على حدة. أما الثالث فهو الجودة و النجاح. وتحت هذا التصنيف يمكننا إعادة هيكلة و تقييم أساليب التعليم الحالي. بالتركيز على الجودة، سنتمكن من إمداد الطلاب بالقدرات و المؤهلات اللازمة ليصبحوا منتجين اقتصاديًّا، و ليتمكنوا من توفير لقمة عيشٍ دائمة، و لتحسين صحتهم والمساهمة في تطوير المجتمع. بتطبيق هذه الأمور، سيتغير توجهنا من التركيز على "السلوك" و "النشاطات" إلى التركيز على "بيئات صنع قيمة". بمعنى آخر، سنتبنى عقليّة تعطي أولويةً للتعليم المخصص لكل شخص، و تُعير اهتمامًا للتوجيه الوظيفيّ، الأمر الذي سيطور من أفراد المجتمع ليصبحوا مواطنين مسؤولين حيثما كانوا. بالأخذ بعين الاعتبار كل ما سلف ذكره، تتضح لنا أهمية تعديل نظام التعليم كي يتلاءم مع احتياجات القرن الحادي والعشرين. و لكن، ما هي هذه الاحتياجات؟ أولًا، مرونة التعليم. و هي القدرة و الرغبة في تعلم و تطبيق علم معين لحل مشاكل غير مألوفة. يجب على نظام التعليم أن ينمي حس الاستطلاع، عن طريق الحث على فتح أبواب النقاش وطرح التساؤلات. و يتضمن هذا كذلك تشجيع الاستكشاف، عوضًا عن اعتماد أسلوبٍ واحدٍ للتعليم. و فوق كل ذلك، يتوجب على نظام التعليم أن يضع أهمية كبيرة على بناء الوعي الذاتي. ثانيًا، الصمود الذي يُمكّننا من النهوض بعد أن تسقطنا تحديات الحياة، و يساعدنا على التحمل و الازدهار. فيتوجب على المؤسسات التعليميّة أن تبني روح الصمود لدى الطلاب في مرحلة مبكرة، عن طريق ممارسة إعادة البناء الإدراكي، وتجنب الظلم وسوء المعاملة، والحث على حمل المسؤولية والتأمل. أخيرًا، التفاؤل الواقعيّ. مما يقال للطلاب أنهم يستطيعون تحقيق جميع أهدافهم وطموحاتهم بمجرد وضعها نصب أعينهم. التفاؤل الواقعي يسلك نهجًا يختلف اختلافًا بسيطًا، فهو يمتزج بقليلٍ من التشاؤم و الواقعية. و أحد مقوماته هو اليقظة الذهنيّة، و هي مهارة ينبغي على مؤسساتنا التعليميّة تلقينها للطلاب في سن مبكرة. كل ما سبق ذكره يؤدي إلى أفكار مثل: التعليم المنوع، المِنَح الموجهة مباشرة للطلاب، و التعليم المخصص. و المثير في الأمر، أن كل هذا يؤدي بدوره إلى مفهوم "التعلم المتواصل" المتداول نقاشه. و هذا المفهوم لابد أن يتم إدراجه في المؤسسات التعليميّة في سنوات التعليم الأولى مما يشهده من أهمية شديدة في القوى العاملة. ما هو التعلم المتواصل؟ هو وصفٌ لعملية يقوم بها الشخص بالتعلم بشكل ذاتي، و يركز فيها على تطوير الذات و تحقيق الإنجازات الشخصية. حتى الآن، "التعلم المتواصل" يُمارَس خارج مؤسساتنا التعليميّة. فعلى سبيل المثال، طلاب الجامعات يقومون بالتسجيل في دورات ومواد لا تنتمي إلى جامعاتهم في سبيل تطوير ذاتهم بصورة فرديّة. و لكن ما سبب كون التعلم المتواصل تتم ممارسته خارج إطار مؤسساتنا التعليميّة؟ الإجابة البسيطة هي أن معظم الطلاب لا يؤمنون بأن مؤسساتهم التعليمية توفر لهم كل ما يحتاجونه لمواجهة العالم الحقيقي. فيأخذون على عاتقهم مهمة سد نقاط الضعف التي لا يوفرها نظام التعليم. مفهوم التعلم المتواصل يوفر للأفراد فرصة ليستمروا في تطوير أنفسهم. و الأهم من ذلك، أنه يسمح لهم بمواكبة عالمنا سريع التغير، المليء بالتكنولوجيا و التطور و النمو. إن بناء منظمة يتبع جميع أفرادها مفهوم التعلم المتواصل يضمن لها أن تكون في أفضل حالاتها على الدوام. في ضوء ذلك، لا يخفى على أحدٍ أن التعلم المتواصل له فوائد شتى. و لكن السؤال هو: كيف يمكن لمنظمة أن تحقق هدف أن يكون جميع أفرادها يتبعون هذا المفهوم؟ السؤال المطروح في حلقتنا اليوم هو كيف نبني مؤسسة تعليمية يكون مفهوم التعلم المتواصل أحد أهدافها؟ إن الشروط الأساسية لصنع هذه البيئة هي: التحفيز، و القدرة على استبدال المفاهيم التي تم تعلمها، و التواضع. الشرط الأول لخلق بيئة ملائمة لمفهوم التعلم المتواصل هو التحفيز. هناك العديد من العوامل المساهمة في التحفيز. ينبغي على المعلمين أن يسخروا شتى الطرق لاستخلاص جميع مصادر التحفيز. ما هي بعض مصادر التحفيز؟ و كيف يستطيع المعلمون استخدام هذه المصادر لتحفيز الطلاب كي يطبقوا التعلم المتواصل؟ ١- الفضول: قم بزرع بذور الفضول في أذهان الطلاب ليكون هذا حافزًا لهم لمعرفة المزيد عما يدرسونه. ٢- المنافسة: يتمثل هذا بخلق بيئة تنافسية صحية تحفز الطلاب لبذل جهدٍ أكبر. إنه من الضرورة أن يتخلى المعلمون عن مبدأ تقييم النجاح بالدرجات و الواجبات. و استبدال ذلك بتعليم الطلاب بسن مبكرة أن النجاح الحقيقي يكمن في القدرة على النمو و التطور. و علاوة على ذلك، يجب على المعلمين تنظيم مسابقات تشجع الفكر الإبداعي يكون لها أثر حقيقيّ في الحياة، عوضًا عن التنافس على الدرجات. ٣- النمو: قم بتعزيز عقلية النمو في أذهان الطلاب و اسمح لهم بإطلاق العنان لأفكارهم و مخيلتهم. و الأمر ذاته ينطبق على المعلمين، فلا يجعلوا من الفصول سجونًا لأفكارهم. و بما أن العولمة تزداد انتشارًا بمعدل كبير، يجب على نظامنا للتعليم مجاراة هذا التغيير. فيلزمنا تشجيع الطلاب على التفاعل مع أقرانهم في جميع أنحاء العالم، و تنظيم مسابقات مرئية لهم. لا حدود لما هو ممكن مع الذكاء الاصطناعي. ٤- الحاجة. على مؤسسات التعليم أن تعطي الأولوية القصوى لتخريج طلاب ذوي قيمةٍ عالية في السوق. و هذا سيُلزِم المؤسسات على الاستمرار بتطوير المناهج لتُواكِب تطورات السوق واحتياجاته. أما الشرط الثاني لصنع بيئة ملائمة لمفهوم التعلم المتواصل هو قابليّة استبدال المفاهيم. يجب على المؤسسات التعليمية أن تكون مرنة و سريعة التكيُّف بشكل يسمح للطلاب أن يستبدلوا ما تعلموه فيما مضى كلما تقدموا في الدراسة إن جدَّ جديد. عملية التعلم عند الأطفال محكومة بواقع أنهم يتلقون معلوماتٍ لأول مرة. و لكن عندما نكبر، عملية التعلم غالبًا ما تعتمد على قدرتنا على استبدال المفاهيم التي تعلمناها في الماضي إن ثبت أنها باطلة. هذا الأمر في غاية الأهمية و يجب تطبيقه خلال السنوات الدراسية الأولى. إن العالم في تطورٍ مستمر، و تغيراته تحدث بشكل يومي. ما نتعلمه اليوم قد يصبح باطلًا في الغد. لهذا السبب، يجب أن نبدأ بتقبل و تطبيق مفهوم قابلية استبدال المفاهيم في نظامنا التعليمي. أما الشرط الثالث لصنع بيئة ملائمة لمفهوم التعلم المتواصل هو التواضع. في معظم المؤسسات التعليمية، قيمة الطالب تعتمد على علاماته. بمعنى آخر، إما أن يكون الطالب "جيد" أو "سيء". في سبيل تخريج طلابٍ ناجحين بحق، يجب على المؤسسات التعليمية صنع بيئة تعليم تمجد محاولات الوصول إلى النجاح بقدر ما تمجد النجاح نفسَه. و على عاتقها أيضًا طمأنة الطلاب أنه لا حرج عليهم عند عدم معرفة جميع الإجابات. و يجب عليها كذلك التأكيد على أن العمل الجماعي يغلب العمل الفردي بافتراض أن النتيجة واحدة. فهذا يغرس فيهم حس الوحدة و المجتمع. إحدى الأمثلة الواقعية على تطبيق مبدأ التعلم المتواصل يكمن في مصطلح "جامعة الحلقة المفتوحة"، الذي طُبِّق لأول مرة في جامعة ستانفورد. و من أبرز خصائص هذا النموذج أنه يتيح للطلاب التقديم للجامعة عندما يكونون مستعدين لذلك، فمنهم من يقدم بفترة وجيزة قبل بلوغ السابعة عشر ( سن دخول الجامعة لأغلبية الطلبة) أو بعدها. من أبرز سمات هذا النموذج هو أنه يسمح للطلاب بالاستفادة من الفرص التعليمية التي توفرها الجامعة و توزيعها كيفما أرادوا على مدار ست سنوات من تاريخ الالتحاق بالجامعة. ما هي بعض مميزات هذا النموذج؟ -قام بالحد من شعور الخزي المفروض من المجتمع على الطلاب حينما يتوقفون عن الدراسة لفصل أو سنة. -قام بتوفير فرص لمن هم أكبر سنا. -أسهم في تطبيق مبدأ التعلم المتواصل و أكد على أن التعلم لا يتوقف. حتى الآن، قمنا بتناول موضوع مستقبل التعليم من ناحية خصائصه، و نماذجه و بعض المفاهيم المتعلقة به. فلنتحدث الآن عن "الأساليب". ما هو مستقبل أساليب التعليم؟ إن اعتماد العالم بشكل مكثف على التكنولوجيا في عصرنا الحالي، و ارتفاع أهمية البنية التحتية لكل ما هو مرئي لَمِنَ المُسَلَّمات. و كذلك حقيقة أن المؤسسات التعليمية لا يزال أمامها شوط طويل في هذا المجال، خصوصًا أن الجيل الحالي و الأجيال القادمة لم تعد تتجاوب مع أساليب التعليم الحالية. و لكن، السؤال الأهم هو: هل يمكن للتعليم عن بعد أن يقدم جودة تعليم عالية؟ و علاوةً على ذلك، ما هو دور "المدرسة الفعلية"؟ سنشارككم آراءنا فيما يخص هذا الموضوع في نهاية هذه الفقرة. فلنعد إلى انبهارنا بالتكنولوجيا. إن الدول، و المنظمات و الأفراد يحاولون باستمرار رقمنة كل صغيرة و كبيرة. مصطلحات مثل: رقمنة، و ذكاء اصطناعي، أصبحت واسعة الانتشار، و نحن نستمر باختبار التكنولوجيا لنتصور أين من الممكن أن تصل بنا. إحدى الأمثلة المتطرفة هي Neuralink. كما وصفها إيلون مَسك مؤسس Neuralink، بأنها كساعة Fitbit في جمجمتك بأسلاك صغيرة". Neuralink هي شريحة في غاية الصغر، مثبتة في دماغ الإنسان لتطوير قدرات البشر و لإتاحة المجال لتواصلهم مع الآلات باستخدام عقولهم. أهداف هذه التكنولوجيا الرئيسية هي تشغيل الرجال الآليين، معالجة الشلل و الاضطرابات النفسية. سيكون بمقدورنا تنزيل مهاراتٍ في أدمغتنا وإصدار الأوامر للآلات (كالسيارات) باستخدام عقولنا فقط. هذا مثال متطرف كما ذكرنا بالسابق، و لكن إن دل ذلك على شيء فهو يدل على أننا نسعى بكل جد إلى دمج التكنولوجيا مع البشريّة. و لكن، إلى أيّ مدى نستطيع أن نسلك هذا الدرب في التعليم؟ بالجهة المقابلة، أجبر الوباء كثيرًا من المنظمات التعليمية على استبدال الطرق التعليمية التقليدية بأخرى تعتمد على التعليم عن بعد. و هذا مؤشر على حتميّة حدوث هذه النقلة النوعية في التعليم و انتشارها و تقبُّلها في حقبة ما بعد كوڤيد-١٩. في الوقت ذاته، قد يجادل البعض أن تجربة التعليم عن بعد خلال فترة الوباء كانت أقل من مرضية. لقد عانت المدارس و الجامعات خلال هذه الفترة لتوفير تجربة التعليم ذاتها التي توفرها الطرق التقليدية، و كان هنالك تباين واضح بين المعايير التي اعتمدتها المؤسسات التعليمية. بالإضافة إلى ذلك، عبر كثيرٌ من الطلاب من مختلف الأعمار عن تَوْقهم إلى التواصل المباشر مع أقرانهم ومعلميهم، مدركين أن الذهاب إلى المدرسة هي تجربة متكاملة تشمل أكثر من مجرد الحضور. لذلك، لا يمكننا الجزم بأن وسط التعليم سيقتصر على التعليم عن بعد خلال فترة ما بعد الوباء. نحن نتصور على سبيل المثال، أن يُصَب التركيز على تحديد أنظمة التعليم عن بعد وتحسين جودته خلال السنوات القادمة، الأمر الذي سيشكل تحديات و فرص لموفري خدمات التواصل عن بعد. و مع ذلك، بالنظر إلى مجرى التوجه الاجتماعي، يمكننا استنتاج أن التعليم عن بعد قد بدأ يلعب دورًا كبيرًا بشكلٍ تدريجي. و لكنَّ ذلك لا يعني أن التواصل وجهًا لوجه قد ولَّى عهده. فقد أثبت لنا الوباء أنه لا غنى عن التواصل "الحقيقي" لنمو الجيل الصاعد الفكري والمجتمعي، و لضمان صحتِهم النفسيّة. ففي النهاية، نحن كائنات اجتماعيّة و لا يمكننا حصر تفاعلاتنا الاجتماعيّة على التكنولوجيا وحدها. لذلك، سيزيد تنوع أساليب التعليم، و ستعزز الطرق التقليديّة أساليبها بوسائلَ تفاعليّةٍ عن بعد، بل و قد تعتمد بعض المجالات - كمجال التطور المهني المستمر - بشكل كليّ على هذا المبدأ. و نتيجةً لذلك، سيكون الطالب محور التعليم، بنموذج تعليميّ مختلف لكل فرد. بلا شك، توجد هنا فرصٌ ذهبية لشركاتٍ مثل أكاديمية نون التي تقدم خدمات عوضًا عن تقديم خدماتها لمنظمات التعليم. في الواقع، أكاديمية نون قد بدأت مسبقًا في سلك هذا المسار، و نحن نعتقد أن هذه خطوة مثاليّة في سبيل تعزيز التعليم التقليدي، و أيضًا في سبيل استغلال النمو الذي يشهده مجال التعلم المتواصل و مجال التطور المهني المستمر. فيما يلي، لدينا مقابلة حصرية مع …… من أكاديميّة نور. مقابلة نون بعد أن استمعنا لهذه المقابلة القَيِّمة، نود أن نعود لذكر موضوع قد تم الحديث عنه سابقًا في الحلقة: يمكن للتكنولوجيا أن تسهم في زيادة مدى إيصال التعليم وإنشاء فرص منصفة لجميع الأطفال في أنحاء العالم. و نريد أن نطرح عليكم بعض الأفكار لإثارة مخيلاتكم: ما هي حدودنا عندما يتعلق الأمر بالتكنولوجيا؟ و الأهم من ذلك، إلى أي مدى بإمكاننا تجنيد التكنولوجيا دون المساس بالجانب "الإنساني"؟. تصوّر أنك جالسٌ في فصل، و بالوقت ذاته تقوم بالتواصل مع طلاب من جميع أرجاء العالم عن بعد. تصور العمل على مشروع مع طالبٍ من قارةٍ أخرى و توقيت زمنيّ مختلف. تخيّل وجود منهج متنوع، يمكن للمنظمات في سويسرا والسعوديّة و اليابان تطبيقه؟. تخيّل كل هذا، و تخيّل التخرج من المدرسة والجامعة بفكرٍ مثقف و متعلِّم، على أتم الاستعداد لمواجهة العالم. تخيل حصول أطفالنا على تعليمٍ عالمي. هنا، يتسع المجال لتسخير التكنولوجيا
جميع الحلقات اضغط هنا
هل تود البقاء على اطلاع دائم بالمواسم القادمة من البودكاست؟ اشترك في قائمتنا البريدية